الدروس المستفادة من المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار: دراسة منهجية في ضوء الثقافة الإسلامية 10.12816/0009165
Main Article Content
Abstract
تناولت في هذا البحث معاني ومفهوم الأخوة الإيمانية، حيث إن مفهوم الأخوة اليوم؛ قد تعرض لكثير من الشد والجذب بين العلماء في ماهيته وفي تفريعاته، فهناك الأخوة الإنسانية، والأخوة العشائرية، والأخوة الإسلامية، والأخوة الإيمانية، وقد تضافرت النصوص على مكانة المؤاخاة في المجتمع الإسلامي، وتمثلت المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار صورة من تلك المثل الرائعة في الحب والإيثار جراء هذه المؤاخاة، وقد حدثت هذه المؤاخاة بعد الهجرة من مكة إلي المدينة، وقد أدت الهجرة إلي تنوع سكان المدينة، حيث صار فيها من الأحياء المختلفين غير الأوس والخزرج من العرب، وضم ذلكم كله وحدة المسلمين، وقد أشار القرآن الكريم إلي قصة المؤاخاة التي تمت بين المهاجرين والأنصار وكانت تعانق نسج الخيال؛ وذلكم لأن مشاهدها وأحداثها فاقت كل تصور، وقد سجل التأريخ العديد من المواقف المشرقة التي نشأت في ظل هذه الأخوة، فمن أعظمها ما حصل بين عبد الرحمن بن عوف وسعد بن الربيع رضي الله عنهما؛ وغيرهما من الصحابة رضي الله عنهم، وقد جاءت هذه المؤاخاة لتجسد عقيدة الولاء والبراء، التي هي أس هذا الدين، وغرس روح التكافل والمواساة بين الصحابة رضي الله عنهم، وتوثيق العلائق والصلات بين أتباعه صلى الله عليه وسلم وغير ذلك من الأسباب، وقد مدح الله المهاجرين والأنصار وأثنى عليهم بقرآن يتلى إلي يوم القيامة، وذلك لفضلهم ومكانتهم وقيامهم بتحمل المسؤولية وتمثلهم لعظمة الإسلام وتعاليمه السمحة، فقد ترجموا تعاليم الإسلام واقعا حيا في حياتهم؛ فكانوا مثالا يحتذى وصورة مشرقة تضيء الدروب للسائرين في طريق الهداية، ولهذا كانت هذه المؤاخاة خارطة طريق للأمة رسمت معالم عظيمة منها: أن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منها، وفيها الالتحام والتعاون بين المسلمين، والثبات أمام الأزمات والمحن، وأن نضح ثقتنا في الله وحده، ونعلق آمالنا في خالقنا في كل قضايانا، وأن الأمة الني تريد أن تخرج من تيهها، وتنهض من كبوتها؛ لا بد أن تأخذ بأسباب النجاة، وأن النصر مع الصبر، ولا بد من استلهام ماضينا المشرق الوضاء، وخاصة ممن عاصروا رسول الله صلي الله عليه وسلم؛ وعاصروا الوحي المنزل الذي كان يسدد كل خطأ، ويصوب كل فعل مقبول وصحيح؛ وقد ظهرت المواقف البطولية لهؤلاء الكرام من الصحابة العظام، ممن رباهم رسول الله ورعاهم على عينه فكان منهم النماذج الحية من الكرم والإيثار والتضحية والفداء، وغيرها من المعاني البطولية، فالأمة لا يمكن أن يكون لها سيادة ومنعة إلا إذا حكمت بشرع الله تعالى، ولذا لما حكم الصحابة بالشريعة وتآخوا في الله، كان من ثمار بركات التآخي بين المهاجرين والأنصار أنها ألبستهم ثوب العزة بعد أن كانوا مستضعفين، وكانت مؤاخاة الرسول بين المهاجرين والأنصار أقوى مظهرا من مظاهر عدالة الإسلام الإنسانية الأخلاقية البناءة، فهي مقدمة لإخاء إسلامي عالمي، وأساس بنية المجتمع المدني وقد أرست قيما إنسانية ومبادئ مثالية وأثرت في وحدة المجتمع المسلم وكانت نوعا من السبق السياسي وقصة من عالم الحقيقة.