المسألة الدينية في دساتير دول العالم (الأبعاد التاريخية) دراسة د. جميلة هادي الرجوي )1 )

محتوى المقالة الرئيسي

مجلة الأندلس مجلة الأندلس للعلوم الإنسانية و الاجتماعية

الملخص

     تنظم الدساتير عادة العلاقة بين المرجعيات الدينية وسلطات الدولة، فقد تقيم صلةً ما بين الدولة ودين أو أديان معينة، إذ تعترف بدين ما أو تمنح شرائعه أو مؤسساته وضعاً مميزاً في النظام القانوني- السياسي، بينما تجهر دساتير أخرى بعلمانية الدولة أو بحيادها تجاه الأديان. غير أن الهوية الدينية بالنسبة لكثير من البشر في العالم جزء لا يتجزأ من هويتهم المجتمعية أو الوطنية، الأمر الذي يقتضي في بعض الأحيان التعبير عنها من خلال الاعتراف بها دستورياً.


     ولو بحثنا في التراث الإسلامي سنجد أن الدولة الإسلامية في العصر النبوي كان لديها دستور أو وثيقة دستورية، وكان بالإمكان أن تكون تلك الوثيقة بداية قوية لتطوير الفقه الإسلامي بناء على البذرة التي بذرت في المدينة، لنجد فقها دستوريا مكتوبا على مسار التاريخ الإسلامي، إلا أن ذلك لم يحدث على مدى الأربعة عشر قرنا الماضية، حينما بدأ لأول مرة كتابة دساتير لدول إسلامية بتأثير من النماذج الغربية.


 


     وفي الوقت الحاضر، وعلى امتداد خريطة البلدان العربية، شكلت المسألة الدينية أحد المحاور الرئيسة في النقاشات الدائرة حول الفلسفة المنظمة للوثائق الدستورية الجديدة، وخاصة ما بعد ثورات الربيع العربي، فنجد ذلك واضحا في كل من تونس، ومصر، والمغرب، وإلى حد ما الأردن واليمن والبحرين، وما زالت بلدان أخرى تنتظر بناء دساتير جديدة، كما هو الحال في الجزائر وليبيا وسوريا، وإن كان ذلك بدرجات مختلفة.


 


     ومع ذلك، تحتاج النصوص الدستورية إلى ممارسات جيدة، تحافظ من جهة على روح  الدساتير، ومن جهة ثانية مراكمة ثقافة تساعد على وعي المسافة اللازمة بين الدين والسياسة في الدولة ومؤسساتها. ودون ذلك ستختل العلاقة بين طرفي هذه الثنائية، التي غالبا ما تكون الغلبة فيها للسياسة على حساب الدين، بمعناه النقي.


 


     ولكي تتجاوز الحضارة الإسلامية أزمتها الدستورية لا بد من إزاحة القيود أمام استئناف هذه الحضارة لمسيرتها من جديد، وبداية إسهامها المثمر في المسيرة الإنسانية بعد فتور وتراجع دام بضعة قرون. ولعل أهم ما يحتاجه المسلمون الطامحون إلى العبور للمستقبل اليوم هو إدراك اللحظة التاريخية التي بين أيديهم، والتشبث بخيوط الفجر بعيدا عن أي تثبيط

تفاصيل المقالة

القسم
المقالات

المراجع

المراجع الأجنبية:

(1) Burnyeat, Mylesf.n "Aristotle on Learning to Be Good" In Amelie

O. Rorty (ed.) Essayson Aristotle's. Ethics. Berkeley: University of California Press, 1980.

(2) Mokhantar (Joel): Droit politique et constitutionnel. Edition ESCA, paris, 1997.

(3) R. Gerberding and J. H. Moran Cruz, Medieval Worlds (New York: Houghton Mifflin Company, 2004).

(4) Treadgold, W. A History of Byzantine State and Society, California, 1979.

الأعمال الأكثر قراءة لنفس المؤلف/المؤلفين

<< < 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 > >>