التبعية الغذائية في الجمهورية اليمنية وطرق علاجها د. محمد أحمد عمر باعمر
محتوى المقالة الرئيسي
الملخص
تناولت الدراسة مشكلة التبعية الغذائية باعتبارها إحدى المشكلات التي تواجه البلدان النامية بشكل عام والجمهورية اليمنية بشكل خاص، وإن اختلفت درجتها من بلد لآخر, وتمثلت مشكلة الدراسة في التبعية الغذائية التي تكمن في تركز مصادر الغذاء لدى دول قليلة متقدمة في ظل تدهور الإنتاج الغذائي في اليمن, واستمرار الاعتماد على المصادر الخارجية في توفير الاحتياجات الغذائية وتزايدها من عام لآخر أصبح يشكل عبئاً مالياً يستنزف جزءا من ثروات البلاد, ويستهلك الكثير من الأموال والقروض التي خصصت للتنمية الاقتصادية .
وهدفت الدراسة إلى تحليل مؤشرات مدى الاعتماد على الغير في الحصول على الغذاء , وتحليل نسبة المدفوعات على الواردات الغذائية من حصيلة الصادرات اليمنية , وتحليل مؤشرات الفجوة الغذائية والاكتفاء الذاتي في اليمن , وبيان الأسباب التي أدت إلى حدوث التبعية الغذائية والآثار المترتبة عليها .
وتوصلت الدراسة إلى مجموعة من الاستنتاجات أهمها أن الجمهورية اليمنية تقع خلال فترة التحليل في منطقة التبعية الغذائية لجميع السلع الغذائية, وتكمن خطورة ذلك في الاعتماد شبه الكامل على الخارج مما يؤدي إلى آثار سلبية على الميزان التجاري وميزان المدفوعات, كما اتضح من التحليل أن نسبة المدفوعات على الواردات تلتهم حصيلة الصادرات المنظورة وغير المنظورة, فيما حققت الجمهورية اليمنية الاكتفاء الذاتي من الثروة السمكية طوال فترة التحليل, وتزايدت الفجوة الغذائية من محصول القمح, كما أن هناك اتجاها متزايدا خلال السنوات الأخيرة لعجز القطاع الزراعي عن الوفاء باحتياجات الاستهلاك الغذائي الأمر الذي يشير إلى زيادة التبعية الغذائية للعالم الخارجي .
ويوصي الباحث بتكثيف جهود البحث العلمي الزراعي لزيادة إنتاجية الغذاء, وزيادة حجم الاستثمارات الحكومية لقطاع الزراعة لتحقيق الكفاءة الأمثل في استخدامها, ورفع معدلات نمو الإنتاج الغذائي وتنويعه لسد الفجوة الغذائية المتزايدة , واستغلال المساحات الصالحة للزراعة التي تسمح باستخدام وسائل تكنولوجية حديثة بهدف زيادة إنتاجيتها .
تفاصيل المقالة
المراجع
النتائج :
– إن دراستنا للتبعية الغذائية كشفت عن خمس صور بارزة ومترابطة في مواجهة الدول النامية بصفة خاصة , والتي تتمثل في الاعتماد المتزايد لهذه الدول على واردات الغذاء من الدول الرأسمالية المتقدمة, وهي اتساع الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك , سرعة تقلبات العرض والطلب , صعوبة التوقعات , تمركز المجاعات , سوء التغذية .
– إن التبعية الغذائية ليست ظاهرة طبيعية , بل ترتبط بطبيعة الأنظمة القائمة من جهة والأوضاع الدولية وطبيعة التقسيم الدولي الرأسمالي للعمل من ناحية أخرى .
– إن نقص الغذاء لا تقتصر على وجه واحد ( قلة الإنتاج ) بل هي ذات أوجه متعددة لعل أبرزها تلك التي تعبر عن أزمة التوزيع بين عالمين متناقضين, أحدهما مستغل يشتكي من التخمة سيظل مستغل يتألم من الجوع .
– إن التبعية الغذائية في الجمهورية اليمنية أدت إلى وجود فجوة بين الإنتاج الغذائي والاستهلاك الغذائي .
– يعاني الإنتاج الغذائي في الجمهورية اليمنية من عدد من المعوقات الداخلية مثل بدائية الأساليب الزراعية وندرة مياه الري , وضآلة استخدام الوسائل التكنولوجية , كما يعاني عددا من المشاكل التي تخرج عن قطاع الزراعة , أو ما يمكن أن نطلق عليها عوامل خارجية , كان لها تأثير في عدم تحقيق معدلات مرتفعة للنمو في الإنتاج الغذائي مثل قصور السياسات الاستثمارية والسعرية والتسويقية وغبرها من تنظيمات زراعية .
– كانت الجمهورية اليمنية تنتج من الحبوب ما يفيض عن حاجتها, فتقوم بالتصدير إلى المناطق المجاورة, إذ كان اليمن يصدر إلى البلدان المجاورة مالا يقل عن 9 – 10 أطنان في سنوات المحاصيل الجيدة , وحاليا أصبح يستورد الجزء الأكبر من احتياجاته من الحبوب , وذلك لسببين هما , الزيادة الكبيرة في عدد السكان مما يؤدي إلى زيادة في الكمية المستهلكة , انخفاض الكميات المزروعة بالحبوب , وأكبر منه الانخفاض في حجم الإنتاج .
– من خلال تحليلنا لمؤشر مدى الاعتماد على الغير للحصول على الغذاء , اتضح أن الجمهورية اليمنية تقع طوال فترة التحليل ( 2012 م – 2014م ) في منطقة التبعية نتيجة لبلوغ المؤشر أكثر من 30 بالمائة لجميع السلع الغذائية , وتكمن خطورة ذلك في الاعتماد شبة الكامل على الخارج مما يؤدي إلى آثار سلبية على الميزان التجاري وميزان المدفوعات .
– من خلال التحليل لمؤشر نسبة المدفوعات على الواردات الغذائية إلى إجمالي حصيلة الصادرات المنظورة وغير المنظورة , اتضح أن الجمهورية اليمنية كانت مند عام 2012م وحتى عام 2017م تقع في منطقة التبعية نتيجة لوصول المؤشر إلى أكثر من 30 بالمائة , مما يعني أن نسبة المدفوعات على الواردات الغذائية تلتهم حصيلة الصادرات المنظورة وغير المنظورة , فيما دخلت الجمهورية اليمنية منطقة الاستقلال في عامي 2016م و2017م نتيجة انخفاض نسبة المؤشر إلى 18 % .
– من خلال التحليل الكمي للفجوة الغذائية , اتضح أن الجمهورية اليمنية قد حققت الاكتفاء الذاتي من الثروة السمكية طوال فترة التحليل , فيما تزايدت الفجوة الغذائية من محصول القمح من 9,4 % عام 2012م إلى 6,28 % عام 2017م, أي أن زراعة القمح لم تشهد أي تطور خلال السنوات الأخيرة , كما أن هناك اتجاها متزايدا خلال الست سنوات الأخيرة لعجز القطاع الزراعي عن الوفاء بحاجات الاستهلاك الغذائي, الأمر الذي يشير إلى زيادة التبعية الغذائية للعالم الخارجي .
– من خلال التحليل القيمي للفجوة الغذائية تبين استمرار الفجوة الغذائية من عام لآخر , وقد تبين أن قيمة الصادرات الغذائية محدود جدا خلال فترة التحليل , الأمر الذي أدى إلى الاعتماد شبة الكامل على الاستيراد من الخارج , في الوقت نفسه تميزت الصادرات اليمنية بالجمود وعدم كفايتها على دفع فاتورة الغذاء المستورد .
– إن الإنتاجية الغذائية في الجمهورية اليمنية لا ترتقي لحد الاكتفاء الذاتي .
– إن أسباب التبعية تظافر حولها أسباب داخلية وأسباب خارجية تكمن في الدول المتحكمة بأسواق الغذاء العالمية .
– إن ارتفاع نسبة الواردات الغذائية إلى إجمالي الواردات, يتم على حساب الواردات من السلع الإنتاجية .
– إن معظم الزيادة التي حصلت في قيمة الواردات الغذائية كانت من الحبوب ومشتقاتها خلال الفترة الأخيرة , كما أن معظم صادرات بلادنا كانت من الأسماك والقشريات .
التوصيات : -
– زيادة حجم الاستثمارات الحكومية لقطاع الزراعة وتحقيق الكفاءة الأمثل في استخدامها .
– رفع معدلات الإنتاج الغذائي وتنويعه لسد الفجوة الغذائية المتزايدة .
– الاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية والبشرية بما يؤدي إلى استثمارها لزيادة الإنتاج الغذائي .
– وضع استراتيجية غذائية تتضمن الأبعاد الاستثمارية والاجتماعية والسياسية والثقافية .
– تشجيع الاستثمار الخاص على الاهتمام بالمشاريع الزراعية, ولفت الأنظار إلى الاستثمار في القطاع الزراعي ومنح الحوافز التي تستقطب وتجذب المستثمرين .
– استغلال المساحات الصالحة للزراعة التي تسمح باستخدام وسائل تكنولوجية حديثة بهدف زيادة إنتاجيتها .
– إيجاد إمكانية للاستفادة من المنتجات الزراعية في غير مواسمها , وتنمية الصناعات التحويلية نحو التصنيع المعتمد على المواد الخام المحلية الزراعية .
– إنشاء دوائر مختصة في كل من وزارة الزراعة والري ووزارة الثروة السمكية , تهتم بالثقافة الغذائية والإعلام الغذائي لتعليم الأفراد بالطريقة الصحية والسليمة في التعامل مع الغذاء, وكذا التنسيق مع كل من وزارة الإعلام ووزارة الصحة لما لهما من علاقة بموضوع الغذاء .
- توفير الحماية اللازمة للمنتجات المحلية , وزيادة العناية بالأراضي الزراعية , والعمل على استصلاح ما يمكن استصلاحه , وامتلاك التكنولوجيا لتعظيم الاستفادة من الموارد الزراعية .
– الحد في الإفراط من الاستهلاك وخصوصا من المواد الغذائية المستوردة , وتوجيه أذواق المستهلكين نحو المنتج المحلي في حالة توفره .
المراجع : -
إبراهيم حسن توفيق , النظام الدولي الجديد في الفكر العربي , مجلة العالم الفكر , العدد ( 3 ) , 1995 م .
أحمد فريد مصطفى , الموارد الاقتصادية , الإسكندرية , مؤسسة شباب الجامعة , 2006م .
أروى أحمد البعداني , أثر تقلبات الأسعار العالمية للقمح على الاقتصاد اليمني , مركز سبا للدراسات الاستراتيجية, 2012 م .
السيد محمد السريتي , الأمن الغذائي والتنمية الاقتصادية , دار الجامعة الجديدة للنشر الإسكندرية , 2000 م .
السمري والأمير ,الوحدة العربية مشروع قادم , بغداد مكتبة أبو النواس للطباعة والنشر , 1999 م .
الجمهورية اليمنية , وزارة الزراعة والري , الاستراتيجية الوطنية لقطاع الزراعة , 2012 م – 2016 م .
بشير عبالة الحرازي , إنتاج الغذاء في اليمن والتوقعات المستقبلية , المجلة اليمنية للبحوث والدراسات الزراعية , العدد ( 13 ) ديسمبر 2005 م .
حسن أحمد شرف الدين , مشكلة الغذاء في اليمن , مطابع الأهرام , كورنيش النيل , القاهرة , 1990 م .
خالد ناصر الحاج وفوزي حميد الصغير , إنتاج واستهلاك الغذاء في اليمن , مجلة الدراسات الاجتماعية , صنعاء , 2012 م .
رباب علي جميل الشوك , التبعية الغذائية والأمن العربي , الأسباب والآثار , رسالة ماجستير في العلوم السياسية , جامعة الشرق الأوسط , كلية الآداب والعلوم , قسم العلوم السياسية , 2010 م .
– رشيد عبد الوهاب حميد , التجارة الخارجية وتفاقم التبعية العربية , بيروت , معهد الإنماء العربي , 2005 م .
– صمويل عبود , خمس مشكلات أساسية لعالم متخلف , عمان , ديوان المطبوعات الجامعية , 1999 م .
– عبد الله أحمد نعمان , قضايا ومشكلات التنمية الزراعية , الحيازات الزراعية في الجمهورية اليمنية , دار الفارابي , بيروت , 1989 م .
– عبد الواحد العلوان , قضايا التنمية الزراعية العربية ومتطلبات الأمن الغذائي , المؤتمر الدولي حول الأمن الغذائي العربي والتطورات التنموية المعاصرة , جمعية العلوم الاقتصادية , دمشق , 2001م .
– عباس السيد إبراهيم , مرونة الطلب على الغذاء في قنوات التسويق المختلفة في اليمن , مجلة كلية التجارة والاقتصاد , جامعة صنعاء , العدد ( 3 ) سبتمبر 1992 م .
– فوزية عزمي , الزراعة العربية وتحديات الأمن الغذائي , حالة الجزائر , بيروت , مركز دراسات الوحدة العربية , يونيو 2010 م .
– فلاح سعيد جبر, الأمن الغذائي والصناعات في الوطن العربي , مجلة عالم الفكر , المجلد 87 , العدد ( 18 ) السنة الثانية 1987 م .
– مصطفى وتومي , إشكالية الأمن الغذائي في منطقة الساحل الأفريقي , رسالة ماجستير في العلوم السياسية والعلاقات الدولية , جامعة الجزائر , كلية العلوم السياسية والإعلام , قسم العلوم السياسية والعلاقات الدولية , 2010م – 2011م .
– محمد علي الفراء , مشكلة إنتاج الغذاء في الوطن العربي , الكويت , عالم المعرفة , 1979 م .
– محمد رفيق أمين حسان , الأمن الغذائي نظرية ونظام وتطبيق , عمان , دار وائل للطباعة والنشر , 1999 م .
– محمد الهزايمة , عبد المجيد العزام , الآثار السياسية للتبعية الغذائية , مجلة النهضة , المجلد ( 10 ) العدد ( 3 ) القاهرة , كلية الاقتصاد والعلوم السياسية , جامعة القاهرة , 2009 م .
– محمد فوزي أبو السعود , مقدمة في اقتصاديات الموارد والبيئة , كلية التجارة , جامعة الإسكندرية , 2005 م .
– مكتب التخطيط والتعاون الدولي بمحافظة حضرموت , وحدة معلومات الأمن الغذائي بحضرموت , 2018 م .
– هلال علاء الدين ونيفين مسعد , النظم السياسية العربية , قضايا الاستمرار والتغيير , بيروت , مركز دراسات الوحدة العربية , 2000 م .
– ويلارد , مشكلة الغذاء العالمية ومشكلات التنمية , ترجمة محمد سعد الشحات , القاهرة , دار الفجر للنشر والتوزيع , 2009 م .
– ناصر مراد , سياسة تحقيق الأمن الغذائي في البلدان النامية , جامعة البليدة , ديسمبر 2010 م .
– نبيل محمد الطيري , أثر الحرب على الأمن الغذائي والتغذية في اليمن , 2017 م .